دخان القيادة…

كثيرة هي خرجات القيادة و مسلية هي شطحات نخبنا، فمرّة يمنّون النفس بقرب الفرج، و تارة ينتفضون ملوحين بحمل السلاح، و في أخرى مطالبين بالضغط على العدو كي يتراجع عن نجاحاته، لدرجة أنني أصبحت متأكدا من أن القيادة تعاني من داء الباركينسون السياسي، أو أنهم يتعاطون مخدرا لا أدري ما يكون، غير أن لي اليقين على أنه صنف جيد.. و لو أنني كنت من المدخنين أو المتعاطيين لوددت تجربته.

فقد شدني كثيرا تلويح القيادة من جديد بحمل السلاح، و لا أدري عن أي سلاح يتكلمون، و لا عن من سيحمل هذا السلاح، اللهم إذا كنا نتكلم عن لعبة “البلاي ستايشن”، التي يجيدها الكثيرون من قياديينا و ممثلينا بالخارج نتيجة الفراغ، أو كما نقول في مجتمع البيضان “فروغ الهم”، ألم تعلم القيادة أن الكثير من أبنائنا هم الآن يحملون السلاح كمجاهدين ضمن المجموعات الإسلامية بمنطقة الساحل، ألم تعلم القيادة أن شبابنا نزع عن رقبته بيعة محمد عبد العزيز و هرول مبايعا زعيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي، ألم تعلم القيادة أن الناس بالمخيمات سئموا من انتظار جنة الوطن و بدلوها بجنة يمنيهم بها خليفة المسلمين المزعوم … !!!؟

        رفعت الأقلام و جفت الصحف بحسب قيادتنا المتبصرة، إما الاستقلال أو حمل السلاح، و كم أخاف أن تجد القيادة نفسها مضطرة لحمل السلاح في وجه أبناء الصحراء بالمخيمات الذين التحقوا بداعش، و باقي الفصائل الإسلامية المقاتلة، لأن الإيديولوجية الجهادية التكفيرية تغلغلت في عقول الكثير من شبابنا، الذين هيأتهم قيادتنا فكريا لتقبلها بعد سنين من أحادية التفكير و أحادية القيادة و الكبت السياسي و الفكري، و غياب الديمقراطية.

        لكن المنطق يقول بأن شباب المخيمات يعتبرون مادة دسمة و متوفرة للتجنيد من طرف مختلف الفصائل الإسلامية التي تنشط بمنطقة الساحل و الصحراء، على اعتبارهم شباب يعاني من انسداد الأفق و التطرف الفكري، إضافة إلى كونهم شباب متشبع بثقافة عسكرية و على دراية كبيرة باستعمال الأسلحة، حيث أن هذا النوع من المجندين سيمكن من توفير المال و الجهد في التكوين و التدريب، حيث يكفي مدهم بالسلاح اللازم و الرواتب، مع بعض الجرعات من الإيديولوجية الإسلاموية المبنية على ترسانة من الأحاديث النبوية الموضوعة و المكذوبة افتراءا على خير الخلق، لخلق جيش قادر على استبدال مخيمات تندوف بنواة دولة متطرفة ذات مرجعية دينية بدل المرجعية الشيوعية التي لا تقل تطرفا و عنفا.

        و لا يسعنا كإعلاميين نقف على نفس المسافة من الحياد بين القيادة و الشعب الصحراوي غير إضاءة المصابيح الحمراء و تنبيه تلك القيادة إلى أخطائها التي يصعب جردها بسبب الكثرة، و تبقى  القضية رهينة الإهمال القيادي فيما شبابها هائمون على وجوههم في التطرف و الدفاع عن قضايا بعيدة عنا لا يربطهم بها غير جنون الجهل الذي بنى مدنه في قلوبهم و عقولهم في لحظة انشغال القيادة بتحصيل الثروة و تكديسها في البنوك تحت أسماء مستعارة.

Comments are closed.

%d مدونون معجبون بهذه: