أسرار هجوم أويحيا على العدو المغربي.. !!
ليس أصعب على الإنسان من أن يرمي المنديل و يلتفت لينظر إلى المرآة كي يقول لنفسه “لقد غُلْبت”، و هذا تماما.. ما أشعرنا به تصريح الوزير الأول الجزائري الذي وجه إلى المغرب تهمة استهداف عقول و أخلاق أجيال الجزائر عبر نهج سياسة إغراق البلاد الجزائرية بأطنان المخدرات، اتهام لو أنه خرج من فم مواطن أو إعلامي أو حتى من سياسي بعيد عن مراكز القرار.. لكان الأمر أهون و لما أثار الموضوع زوبعة في الإعلام المحلي و الإفريقي و الدولي، فالتهمة ليست بجديدة و لكن التوقيت و الظرفية تفضحان النية و الغرض من تكرارها.
و قبل المرور إلى الحديث على التصريح و مضمونه نعود خطوة إلى الوراء و بالضبط إلى السنة الماضية حيث كانت الجزائر قد فتحت معبر “الزويرات” مع الشقيقة موريتانيا و قيل لنا في الإعلام بأنه المعبر الذي سينافس معبر “الكركارات” الموجود بالأراضي المحتلة، و التجارة بين إفريقيا و أوروبا سوف تمر عبر المخيمات و هكذا ستكون الجزائر قد ضربت عصفورين بحجر.. ستجر بساط الوساطة التجارية من تحت أقدام العدو المغربي و ستوفر للمخيمات و قيادتنا متنفس إقتصادي يقينا قساوة قلوب المانحيين، و هذا ما جعل كمية الأمل المفرغة من القيادة في قلوبنا تتجاوز الممكن.
غير أننا إكتشفنا بعد أقل من سنة من إعلان فتح المعبر بأنه لم يكن الهدف منه ما قيل لنا بل كانت الغاية من فتحه و تقويته هو تطعيم الاقتصاد الجزائري من المنتوجات الفلاحية المغربية التي تلج إلى موريتانيا و كذا دولة السينغال و تفادي التعامل المباشر مع الاقتصاد المغربي عبر معبر “زوج بغال” الشهير، و المغرب بدورها لا تريد إحراج الاقتصاد الجزائري و آثرت غض الطرف على هذه الحركة التجارية التي تتأرجح بين التهريب و التهرُّب.. مع العلم بأن هذه الدورة التجارية بين المغرب و موريتانيا و السينغال وصولا إلى الجزائر و المخيمات يمكن التفكير فيها لإنشاء حلقة تجارية في الاقتصاد المجالي بالمنطقة.. لكن الوضع السياسي الراهن بالمنطقة يجعل شكلها يمنحنا صورة غير مفهومة عن النفاق السياسي الذي تغرق فيه القضية الصحراوية.
الوزير الأول الجزائري أويحيا مهندس هذا الخط التجاري الغريب كان قد ظهر خلال نفس السنة في موقف غير مفهوم و غير مبرر و هو يبحث في القمة الأوروبية- الإفريقية بساحل العاج عن ملك المغرب كي يصافح و هو الأمر الذي عرضه إلى موجة إنتقادات و إعتبر الحادث بمثابة رسالة واضحة التعبير موجهة من النظام الجزائري إلى الرباط بغرض فتح هامش للتطبيع، و منذ ذلك الحين و أويحيا يُنظر إليه بعين وجلة من طرف قيادتنا، لكن الرجل كان مرغما لا بطل و الجماعة الحاكمة بالجزائر هي التي أرسلته لأجل مصافحة الملك في ساحل العاج ثم عاقبته على ذلك بدفعه لإتهام المغرب بإغراق الجزائر بالمخدرات مع العلم بأن الجزائر لا تتوقف إعلاميا عن الافتخار بقدراتها الأمنية و الدفاعية التي تفوق التصور و لا يظن عاقل بأن الجزائر يعجزها بعض تجار السموم المعدودين على رؤوس الأصابع.
القضية ليست قضية تجارة مخدرات و لا علاقته لها برجل الحكومة الجزائرية أويحيا، بل بالجماعة الحاكمة بالجزائر التي أرسلت الوزير الأول إلى ساحل العاج لمصافحة الملك و انتظرت من المغرب خطوة مماثلة كي تفتح الجماعة مع المغرب حوارا حول النشاطات الإقتصادية المغربية بالعمق الإفريقي و بالخصوص حول المشروع الفرعوني لخط الأنابيب البترولي الذي لم تعد الجزائر تستطيع إخفاء تخوفها من وصوله إلى سواحل أوروبا، و أيضا لأجل منح الجزائر مساحة في الأنشطة الإقتصادية بالعمق الإفريقي، غير أن المغرب الذي ذهب منفردا إلى إفريقيا لم يُعر رسائل الجزائر أي إهتمام و هو الأمر الذي أغضب “الجماعة” بالجزائر الذين دفعوا بأويحيا كي يعيد سيناريو “مساهل” و يتهم المغرب في ندوة غير رسمية بإغراق الجزائر بالمخدرات، في محاولة لإظهار عدم رضا قصر المرادية عن تجاهل المملكة لرسائل “الجماعة”.
و حتى الآن فجميع المؤشرات تدل على أن الجزائر لم يبقى بين يديها ما تؤثر به على العدو المغربي خصوصا و أن الإتهامات المتكررة و الموجهة ضد العدو المغربي بإغراق الجزائر لم تعد ذات تأثير و لم تمنع المغرب من إقناع الأفارقة بالشراكات الإقتصادية… بل أصبح هناك شيء من التعاطف مع المغرب الذي يظهر داخل إفريقيا في دور رجل السلام و عاشق أبناء الماما أفريكا الذي يفكر في إفريقيا مزدهرة و لا تنتظر صدقات الرجل الأبيض، و هذا يحيل على أن المغرب ربما يكون في انتظار تنازل أكبر من الجزائر و أن الرسائل التي تحب أن تلتقطها الرباط هي بخصوص القضية الصحراوية التي يراها العدو المغربي المدخل الوحيد لأي تطبيع.. فهل تقبل الجزائر بهذه الصفقة.. إذا لم نقل التنازل..؟
عن طاقم “صحراء فريدوم”
Comments are closed.